أودت بحياة 5 أشخاص.. فاجعة “مطمورة الموت” بدوار النواصر تعري واقع التهميش التنموي بشيشاوة
كشفت فاجعة مصرع خمسة أشخاص، بينهم أربعة من عائلة واحدة، داخل حفرة مخصصة للصرف الصحي بدوار النواصر، جماعة سيدي بوزيد، عن حجم الاختلالات البنيوية التي ما تزال تعاني منها مناطق واسعة بإقليم شيشاوة، في ظل استمرار غياب الخدمات الأساسية، وعلى رأسها شبكة الصرف الصحي.
وفي هذا السياق، أصدر فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بإمنتانوت بلاغا اعتبر فيه أن الحادثة، التي وقعت يوم الأربعاء 24 شتنبر الجاري، ليست مجرد واقعة عرضية، بل نتيجة مباشرة لتقصير تنموي ممنهج، ترتب عنه حرمان جماعات قروية بأكملها من الحق في البنيات التحتية الأساسية، رغم كثرة البرامج التي تُطلق باسم التنمية ومحاربة الفقر.
وأكدت الجمعية أن الوضع في جماعة سيدي بوزيد يعكس صورة مصغرة عن واقع الإقصاء المجالي، حيث لا يتجاوز ربط الساكنة بشبكة الصرف الصحي 29.80 بالمائة فقط، بينما تعتمد نسبة كبيرة على الحفر الصحية، في غياب بدائل آمنة، مما يشكل تهديدا دائما لأرواح السكان، كما حدث في فاجعة دوار النواصر.
وأشارت الجمعية، استنادا إلى معطيات رسمية، إلى أن نسبة التغطية بالصرف الصحي في العالم القروي بالإقليم لا تتعدى 4.90 بالمائة، مقابل اعتماد 33.90 بالمائة من الأسر على الحفر الصحية، وهي أرقام وصفها الفرع بـ”الصادمة”، وتُظهر، بحسبه، فشل السياسات العمومية في ضمان الحد الأدنى من العدالة المجالية والكرامة الإنسانية.
وفي هذا الإطار، نبهت الجمعية إلى أن الحق في الصرف الصحي والماء الصالح للشرب ليس ترفا أو رفاهية، بل حق أساسي تضمنه المواثيق الدولية والتشريعات الوطنية، بما فيها الدستور المغربي وقانون الماء، ويُعد جزء لا يتجزأ من الحق في السكن اللائق ومستوى عيش كريم.
وعبّرت الجمعية عن استيائها من بقاء عشرات الدواوير والأحياء، بما في ذلك مراكز حضرية مثل إمنتانوت وسيدي المختار، خارج تغطية شبكات الماء والصرف الصحي، رغم الاعتمادات المرصودة لبرامج التنمية.
ودعت الجمعية إلى فتح تحقيق جدي لتحديد المسؤوليات في فاجعة دوار النواصر، وتسريع تفعيل برامج شاملة لتعميم البنيات التحتية في كل جماعات الإقليم، دون تمييز، وتبني مقاربة حقوقية وعدالة مجالية في برمجة المشاريع التنموية بدل المعالجات الترقيعية، وضمان ولوج كل السكان، خاصة بالقرى، للخدمات الأساسية: ماء، صرف صحي، كهرباء، طرق، صحة، وتعليم.
وختم البلاغ بدعوة السلطات إلى اعتبار الحادث جرس إنذار أخير قبل كوارث أخرى محتملة، مشددا على أن التنمية الحقيقية تبدأ من ضمان كرامة الإنسان، لا من تقارير الإنجاز الورقية.